في مجتمعاتنا الوظيفية اليوم، صار الموظف ينظر إلى ما هو أبعد من الميزات التقليدية للوظيفة، كالراتب الجيّد أو بيئة العمل، لتشمل تطلّعاته سمعة مكان العمل وما إن كان يُقدّر ويعترف بالإنجازات، حتى صارت إستراتيجية مهمة لتعزيز الولاء وتحفيز الإنتاجية في الفرق.
فالأبحاث تشير إلى أن 37% من الموظفين حول العالم يعتبرون أن التقدير هو العامل الأهم في رفع مستوى إنتاجيتهم، وفقدان هذا العامل يؤثر بصورة مباشرة على نتائج العمل، كما أظهرت دراسة أن الموظفين غير الفاعلين كلفوا الاقتصاد السعودي 16.6 مليار دولار في عام 2022، وأشارت إلى أن الاهتمام بصحة الموظفين وجودة حياتهم الوظيفية، يمكن أن يزيد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تراوح بين 4 و12%.
عندما أسأل المديرين «هل تشكرون موظفيكم وتقدرون عملهم؟»، تحضر الإجابة دائمًا: بـ«نعم، نحرص على الثناء باستمرار»، لكن التقدير لا ينحصر في كلمة «شكرًا»، على أهميتها، ليشمل أنواع كثيرة مثل:
- التقدير العلني: الإشادة بإنجازات الموظفين في الاجتماعات أو عبر قنوات التواصل الداخلية.
- المكافآت الرمزية: منح حوافز صغيرة مثل إجازة إضافية أو شهادة تقدير لتعزيز الشعور بالإنجاز.
- التغذية الراجعة الفورية: عدم انتظار نهاية العام لتقدير الجهود، بل جعل التقدير جزءًا من الثقافة اليومية للمؤسسة.
لكن فعل ذلك مرّة أو مرات لا يعني بالضرورة أن بيئة عملك تعتمد التقدير، بل يجب أن تكون مبادرة إستراتيجية بمنهجية واضحة ومُثبتة في الشركة تعتمد ممارسات تضمن فعالية التقدير وتأثيره على العمل مثل:
- محددًا ومرتبطًا بإنجازات حقيقية: الإشارة إلى مساهمات محددة تجعل التقدير أكثر فاعلية.
- منتظمًا ومتواصلًا: دمج التقدير في ثقافة العمل اليومية يعزز من شعور الموظفين بقيمتهم.
- متنوع الأساليب: الجمع بين التقدير العلني، والمكافآت الرمزية، والتغذية الراجعة الفورية.
السؤال الذي أختم به، كيف أضمن –كقائد ومدير– وجود إستراتيجية وثقافة التقدير في المؤسسات؟
بعد إيمانك بأهمية التقدير وعملك على نقل هذا الإيمان عبر المؤسسة، الجواب في التقنية، فالأنظمة الحديثة تلعب دورًا مهمًا في ربط الإدارة بالموظفين، مما يسهل عملية التقدير المستمر، وتتبع الأداء، وإرسال إشعارات دورية للتذكير بضرورة تقديم التقدير في الوقت المناسب.
ولمعلوماتك عزيزي القارئ فإنّ تقدير الموظفين، لا سيّما في مجتمعاتنا، ليس مجرد توصية من خبراء الموارد البشرية أو علماء النفس أو خبراء السلوك، بل مبدأ أصيل موجودة في القيم السماوية، خاصّة المبادئ الإسلامية. فقد أكّد القرآن الكريم أهمية الاعتراف بالجهود وشكرها، كما جاء في قوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (إبراهيم: 7)، مما يعزّز قيمة الشكر والاعتراف بالإنجازات كجزء من ثقافة التقدير.